كاتب(ة) : ريمان خالد الحرازين
شباكك والطريق
شُباكك المهجور لم يُغلق بعد ، ونَمُرُّ من جانبه فُرادى ، لا تذْكر الطريق أنّ يدين مَرّتا متشابكتان من هُنا ، لا أحد يطل عليك ، نشعر بعينيكَ أسْفَلَه ، تُناظِرُنا ، ثمّ تلتف حَول نفسها ، وَ تُبقينا في الفضاء .
عقلي مُثَقّل ، لقد تعبتُ من تدبير الأمور في رأسي ، كثيراً ما ظَننتُ أننا سنقف سوياً ، تحت شُباكٍ مهجور نُراقب المارة ، نتحدث للجدّات ، نداعب الأطفال ، ثم نركض في الهواء كالحمقى ، ثم .. ثم تبين أننا حمقى بالفعل ، لا شيء يكبر في الانسان سوى الخوف ، الخوف الدائم من كل شيء ومن لا شيء .
هذا الخوف الذي لم نكتبه يوماً ، قد لا نقدر على كتابة الشعور الدائم ، كلما تحركت قدمينا شعرنا بثقل ، ثقل يتبعه خوف ، خوفٌ كلما رفعت قدمك لتقدمها خطوة ، هل ستصل للأرض بعد؟
مَرتْ فصولٌ كثيرة وسنين أكثر ، وما زال الشباك العتيق مفتوحاً على مصراعيه ، ونعتقد أن تحته عينين ترانا ، لقد كَثُرَ الحديث حوله ، وكلّما مررتُ ألقيت التحية على العينين المختفيتين تحت شباكٍ مهترء ، سيسقط يوماً ، وأحمله بين ذراعيّ ، لأطرق الباب القديم ، واستأذن بالدخول ، وأقدم ما سقط على الطريق .
لكنه ما زال متمسكاً بمسمارٍ واحدٍ ، أو أعتقد أنه متمسكٌ بخيطٍ رفيع .
كنتُ أعبر الطريق وحدي ، ترافقني الطريق ، وينتظرني الشباك القديم ، أتوقف بُرهةً ، أتأمل الفراغ الذي بيننا .
كنا نُملي الفراغات بالألوان عندما نرسم ، لكننا جَهَلّنا الطريقة على الواقع ، كل ألوان العالم لا تكفي لِتَمّلأ فراغاً مُتعمداً ، فراغاً يقف على قلبك كالصخر .
تلك الطريق التي تجاوزناها يوماً ما ، سوياً ، وبيدين تداعبان الهواء ، لا تلتقيان ، كل جُهدٍ فُعِلَ لأجل أنْ يبقيان ، لم يكن سوى هباء ، إنهما لم يلتقيان على مر الطريق .