•  منذ 3 سنة
  •  0
  •  0

كاتب(ة) : عبير حسن

أستمع إليّ اولًا

= قاسية هي جدًا بقلبٍ أجوف جاف، وروح معتمة، كيف تأبى كل محاولتي للبقاء قُربها، لا رغبة لي سوى رؤية ثغرها باسم دائمًا وابدا، كيف رفضت فؤادًا صار ما ينبض إلا لها!!

- قبل أن تُصدر حكمك سيدي أستمع إليّ اولاً.

كطفلة كانت في عالمها الخاص الهادئ تُداعب صغيرتها تارة، تُرتب حجرتها تارة أخرى، تُصفف شعرها، وتعبث بمساحيق التجميل، ترتدي حذاءٍ بطول ساقها تمشى داخله اولاً. تُخضب الحلوى ثغرها الباسم، وتعلو ضحكاتها لفلمًا طفولي تشاهده للمرة المئة.

يكبُر الجسد وتظل الطفلة داخلة تُغمض عينيها عن قبح العالم وتظنه لا يراها. تتلخص أكبر أمانيها فى ركنٍ هادئ ثم كتفًا تتكئ إليه وحضنًا يطمئنها من وحشة ظلام تخشاه ولاشيء أكثر، فكان هو….

ذو ثغرًا باسم وعينًا حانيه تأثرك لتغوص بهما وصوت رخيم دافئ. تلمست فى القلب الصدق والنقاء وفى الروح الصفاء وفي العقل تعقلاً، فالقلوب النقية تظن الجميع هي. أقسم بأغلظ الإيمان ألا يرحل، ألا يغيب أبدًا، ولن يسمح لشمس العمر أن تغيب إلا بين ذراعيها. فكان وجوده كالماء للظمآن، وجدت بقربه سكينتًا بحثت عنها طويلًا، فتعلقت بعنقه كصغيرة تستقبل أباها بعد سفرًا، لتقصُص عليه كل ما مر بيها دونه، وكيف كانت تُحاكيه فى خيالها، تنتظره فى شرفتها، قرأت عليه رسائل لم تصله، وكم كرتًا هاتفته عن طريق نجمتها. صار دفىء عينيه سماءً تظلها، وأمسى الأمان مضجعها، فبلغ منها الأمان مبلغه ونامت مطمئنة، بوعود أبًا وقسم عابد.

وما أن اكتحلت عينيها بالنُعاس حتى فُجعت بريح قوية، تعقبها برقًا يصم الأذان ثم رعدًا أرعب الفؤاد، ليُجمد الصقيع أوصالها، تتلفت حولها أضحت بالعراء كعجوزًا تائة بلا ملبس ولا مسكن فى شتاءً قارص، تتلمس الطريق بفؤادٍ نازف، ومقل حجبت العَبرات طريقها، يقسمها حزن العمر والوحدة. وبالرغم مما كان تجلدت وتلمست طريقها لركنًا أصبح موحش، مُقفهر، مظلم، تضرب البرودة أركانه، تتردد صداها فى روحها، فخضب الحزن أركان الروح وعُصرت مر الخيانة فى الفؤاد. لتُصفد بابها وتغلق نوافذها، وتختبئ فى ظلامًا تخشاه تيقنت أنه الأمن من كل ذاك البريق الزائف.

رافضة أى يداً أخرى تمتد لعتمتُها. هل عليها لوم سيدي؟؟

الأن أصدر حكمك كيفما شئت…

=أن لله وأن إليه راجعون، كنت كقاضٍ ظالم أصدر حكمه لسماعه طرفًا واحد.

-وما فاعل أنت الآن؟

=لن أبرح حتى أبلغ قربها.

-كيف! أتتسلق سور القسوة الذي تختبئ خلفه؟

=لا سأجعله دكًا.

(تمت)

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعّبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.