بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 6 سنة
  •  0
  •  0

حَبَّ

(حَبَّ) الْحَاءُ وَالْبَاءُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ، أَحَدُهَا اللُّزُومُ وَالثَّبَاتُ، وَالْآخَرُ الْحَبَّةُ مِنَ الشَّيْءِ ذِي الْحَبِّ، وَالثَّالِثُ وَصْفُ الْقِصَرِ.


فَالْأَوَّلُ الْحَبُّ، مَعْرُوفٌ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. فَأَمَّا الْحِبُّ بِالْكَسْرِ فَبُرُوزُ الرَّيَاحِينِ، الْوَاحِدُ حِبَّةٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْمٍ: «يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ» .


قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كُلُّ شَيْءٍ لَهُ حَبٌّ فَاسْمُ الْحَبِّ مِنْهُ الْحِبَّةُ. فَأَمَّا الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ فَحَبٌّ لَا غَيْرَ.


وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَبَّةُ الْقَلْبِ: سُوَيْدَاؤُهُ، وَيُقَالُ ثَمَرَتُهُ.


وَمِنْهُ الْحَبَبُ وَهُوَ تَنَضُّدُ الْأَسْنَانِ. قَالَ طَرَفَةُ:


وَإِذَا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَبًا ... كَرُضَابِ الْمِسْكِ بِالْمَاءِ الْخَصِرْ


وَأَمَّا اللُّزُومُ فَالْحُبُّ وَالْمَحَبَّةُ، اشْتِقَاقُهُ مِنْ أَحَبَّهُ إِذَا لَزِمَهُ. وَالْمُحِبُّ: الْبَعِيرُ الَّذِي يَحْسِرُ فَيَلْزَمُ مَكَانَهُ. قَالَ:

جَبَّتْ نِسَاءَ الْعَالَمِينَ بَالسَّبَبْ ... فَهُنَّ بَعْدُ كُلُّهُنَّ كَالْمُحِبْ
وَيُقَالُ الْمُحَبُّ بِالْفَتْحِ أَيْضًا. وَيُقَالُ أَحَبَّ الْبَعِيرُ إِذَا قَامَ. قَالُوا: الْإِحْبَابُ فِي الْإِبِلِ مِثْلُ الْحِرَانِ فِي الدَّوَابِّ. قَالَ:


ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إِذْ أَحَبَّا


أَيْ وَقَفَ. وَأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ لِأَعْرَابِيَّةٍ تَقُولُ لِأَبِيهَا:


يَا أَبَتَا وَيْهًا أَبَهْ ... حَسَّنْتَ إِلَّا الرَّقَبَهْ


فَزَيِّنَنْهَا يَا أَبَهْ ... حَتَّى يَجِيءَ الْخَطَبَهْ


بِإِبِلٍ مُحَبْحَبَهْ


مَعْنَاهُ أَنَّهَا مِنْ سِمَنِهَا تَقِفُ. وَقَدْ رُوِيَ بِالْخَاءِ " مُخَبْخَبَهْ "، وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِهِ. وَأَنْشَدَ أَيْضًا:


مُحِبٌّ كَإِحْبَابِ السَّقِيمِ وَإِنَّمَا ... بِهِ أَسَفٌ أَنْ لَا يَرَى مَنْ يُسَاوِرُهُ


وَأَمَّا نَعْتُ الْقِصَرِ فَالْحَبْحَابُ: الرَّجُلُ الْقَصِيرُ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:


دَلَجِي إِذَا مَا اللَّيْلُ جَ ... نَّ عَلَى الْمُقَرَّنَةِ [الْحَبَاحِبْ


فَالْمُقَرَّنَةُ: الْجِبَالُ] يَدْنُو بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، كَأَنَّهَا قُرِنَتْ. وَالْحَبَاحِبُ:
الصِّغَارُ، وَهُوَ جَمْعُ حَبْحَابٍ. وَأَظُنُّ أَنَّ حَبَابَ الْمَاءِ مِنْ هَذَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهَا حَبَّاتٌ. وَقَدْ قَالُوا: حَبَابُ الْمَاءِ: مُعْظَمُهُ فِي قَوْلِهِ:


يَشُقُّ حَبَابَ الْمَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا ... كَمَا قَسَمَ التُّرْبَ الْمَفَايِلُ بِالْيَدِ


وَالْحُبَاحِبُ: اسْمُ رَجُلٍ، مُشْتَقٌ مِنْ بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِنَارِهِ، فَنُسِبَتْ إِلَيْهِ كُلُّ نَارٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا. قَالَ النَّابِغَةُ:


تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وَيُوقِدْنَ بِالصُّفَّاحِ نَارَ الْحُبَاحِبِ


وَمِمَّا شَذَّ عَنِ الْبَابِ الْحُبَابُ، وَهُوَ الْحَيَّةُ. قَالُوا: وَإِنَّمَا قِيلَ الْحُبَابُ اسْمُ شَيْطَانٍ لِأَنَّ الْحَيَّةَ شَيْطَانٌ. وَأَنْشَدَ:


تُلَاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ كَأَنَّهُ ... تَمَعُّجُ شَيْطَانٍ بِذِي خِرْوَعٍ قَفْرِ

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر