بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 6 سنة
  •  0
  •  0

الشافعي

قال يونس بن عبد الأعلى: قال لي الشافعي ذات يوم رحمه الله: يا يونس ، اذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه ، فاياك أن تبادره بالعداوة ، وقطع الولاية ، فتكون ممن أزال يقينه بشك. ولكن القه وقل له: بلغني عنك كذا وكذا ، واحذر أن تسمي له المبلّغ ، فان أنكر ذلك فقال له: أنت أصدق وأبر. ولاتزيدن على ذلك شيئا. وان اعترف بذلك ، فرأيت له في ذلك وجها لعذر ، فاقبل منه ، وان لم تر ذلك فقل له : ماذا أردت بما بلغني عنك؟ فان ذكر لك ما له وجه من العذر فاقبل منه ، وان لم تر لذلك وجها لعذر ، وضاق عليك المسلك ، فحينئذ أثبتها عليه سيئة أتاها ، ثم أنت في ذلك الخيار ، ان شئت كافأته بمثله من غير زيادة ، وان شئت عفوت عنه ، والعفو أقرب للتقوى ، وأبلغ في الكرم لقول الله تعالى: { وجزاء سيئة سيئة مثلها ، فمن عفا وأصلح فأجره على الله}. الشورى 40. فان نازعتك نفسك بالمكافأة ، فاذكر فيما سبق له لديك من الاحسان ، ولا تبخس باقي احسانه السالف بهذه السيئة ، فان ذلك الظلم بعينه. وقد كان الرجل الصالح يقول: رحم الله من كافأني على اساءتي من غير أن يزيد ، ولا يبخس حقا لي. يا يونس ، اذا كان لك صديق فشدّ بيديك به ، فان اتخاذ الصديق صعب ، ومفارقته سهل. وقد كان الرجل الصالح يشبّه سهولة مفارقته الصديق ، بصبي يطرح في البئر حجرا عظيما ، فيسهل طرحه عليه ، ويصعب اخراجه على الرجال. فهذه وصيتي واليك السلام .

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
تنبيه لصفحة المحتوى