بيتُ القراء و المدونين
  •  منذ 6 سنة
  •  0
  •  0

كاتب(ة) : تريعة شهيناز

الحراك الشعبي يعيد الأمل

الجزائر بلدي الحبيب، عانى شعبه الأزمات والصعوبات منذ العصور، عانى الاستعمار الفرنسي الذي إستعمرنا ما يقارب 132سنة، ضحينا بالغالي والنفيس، رجالنا وشهدائنا استعادوا الحرية رغم عدم تكافؤ القوى، ولكن الإرادة تصنع المعجزات، حقا إنها المعجزة !!! وإستشهادا بقوله تعالى :"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"، عاد الإستقلال ورفع العلم الوطني عاليا يرفرف في سماء الحرية .

بعد مرور سنوات من الإصلاحات لإصلاح بلد محطم في كافة المجالات الاقتصادية، والعلمية والاجتماعية، والسياسية لرفع جزائرنا في سلم التطور والنمو .ولكن يأبى الفرج أن يأتي يا وطني الحبيب، ففي سنة 1992 والتي نطلق عليها مصطلح "العشرية السوداء"، دخلت البلاد في نفق مظلم بسبب "الإرهاب"، وأصبحنا غير مُؤمنين حتى في بيوتنا، نخاف على أطفالنا عند إرسالهم للدراسة، فُرض علينا حظر التجول، كنا مقيدين في سهرنا ،وفي حياتنا، حتى في التنقل لقضاء حوائجنا .

عرفنا في هذه العشر سنوات طعم مرارة ألم أن يُقتل أخوك أو صديقك أو قريبك أمام عينيك، خوف الموت كل ليلة فالخطر لايزول، حرقة الأم التي تفقد فلذة كبدها صغيرا كان أم شابا يافعا، وأكبر شيء فقدناه طعم الأمن والسلام والإستقرار.

وفي هذه العشرية السوداء توالى علينا الحكام كل فرض منهجه، وطريقته للخروج بالبلاد إلى بر الأمان، ثم جاء الرئيس بوتفليقة وحكم البلاد ووضع قانون المصالحة الوطنية والتي بفضلها هدأت الأوضاع داخل البلاد فأصبح الرجل المنقد للشعب، والمحبوب الذي أهدانا السلام الذي فقدناه لسنوات.

ولكن فترة حكمه رافقتها "أيدي ملوثة" نهبت خيرات البلاد وعاثت في الأرض فسادا وفسقا وفجورا، فاستغلوا مناصب الدولة العليا لتلبية مصالحهم الشخصية واستغلوا حب الشعب لبوتفليقة فهو بنظرنا القائد والمخلًص ، وجعلوه كالدمية الذي تلبي مصالحهم فمددوا في عهداته من الأولى إلى الثانية إلى الثالثة والرابعة أيضا، ويبقى السؤال هل نحن في نظام ملكي ؟! وهل كانت الإنتخابات نزيهة ؟ ،هل نقلوا صوت المواطن؟، هل طبقتم الدستور؟؟!

لقد عدلوا القوانين الدستورية بما يتماشى مع مصالحهم، نحن بلد الخيرات، بلد يملك البترول والغاز والحديد، لدينا الشاب الطامح الذي يحب وطنه حتى النخاع والذي يضحي بنفسه لتبقى الجزائر بأمان، نحن أحفاد إبن باديس والعربي بن مهيدي وجميلة بوحيرد وزيغود يوسف والحواس فكيف لا نعشق الجزائر؟!.

صمت الشعب رغم هذا الظلم، والتعسف رغم ظروف معيشية سيئة، منها البطالة والفقر المدقع لأن هذا الشعب كُوِي بالحرب وفقدان الأبرياء، أصبح همنا الوحيد الأمن والإستقرار. إلى أن فاض بنا الكأس عند تقديم "بوتفليقة" لملف ترشحه للعهدة الخامسة، رغم مرضه وكبر سنه وعجزه التام، أصبحوا يستغفلون الشعب ويستغلون صمته .

جاء اليوم الحاسم الذي لن يمحى من ذاكرة أي جزائري وستحفر ذكراه في قلبه يوم 16 فيفري 2019، هي أول تعبئة شعبية بعد الثورة التحريرية، خرجنا في جميع أنحاء الوطن خرج الصغار والكبار والنساء يحملن الرضع والرجال رافعين الأعلام الوطنية وشعار واحد "لا للعهدة الخامسة "، الغريب هو أنهم لم يطلبوا عملا أو سكنا أو مطلب شخصي هي مطالب سياسية بحتة، كيف لشعب رُبط إسمه بالشجاعة، والثورة والتحدي أن ينحني أمام ثلة تُحرك من أيدي خفية حتى مجاهدوا الثورة شاركونا الحراك . رمينا رجال الأمن بالورود، ورددنا شعار "جيش شعب خاوة خاوة"صرخنا بحرقة الصمت، من...من لا يعشق الجزائر ؟من منا لا يحب وطنه؟، رددنا عبارتنا الشهيرة"تتنحاو قاع".

تم إختيار الجمعة المبارك كيوم حراك وطني ويوم الثلاثاء كحراك طلابي، كان منظما رغم أنه لا يوجد له قائد، الشعب هو صاحب القرار والسيادة، لم يؤمن أحد بنجاح هذا الحراك على إنقاد الجزائرإلا شعبنا، حاولوا تخويفنا بالربيع العربي كسوريا وليبيا، حاولوا إدخال أطراف خارجية، ولكن نحن متمسكون بمطلب واحد لأننا على قناعة ونحن شعب إذا أردنا شيء لا نستسلم نكافح نحارب، لأننا أخذنا طريق شهدائنا ومنهجهم .

خرج القضاة والمحامون والأطباء والأساتذة والمفتشون والطلبة الجامعيون وحتى التلاميذ ، هذا الحراك جمعنا ووحد أهدافنا وشعارتنا لا نكل ولا نمل نخرج ونطالب متمسكين بسلميتنا ومطالبنا، الجزائر تستحق فهي تنادي، فكيف لا نلبي النداء؟!. وبدأت ثمار الحراك تُقطف بإستقالة الوزير الأول "أحمد أويحي"، عمت الفرحة قلوبنا فقد أبعدنا رأسا من رؤوس الفساد. نشوة النصر زادتنا صبرا وعزيمة على بلوغ الهدف والمطلب الوحيد "لا للعهدة الخامسة" .

وسائل الإعلام المختلفة العربية والوطنية وحتى العالمية تشيد بالحراك الوطني وسلميته قدمنا دروسا لإخواتنا العرب وغيرنا الصورة التي أخذت عنا بأننا شعب لايبالي، منحت جائزة قينز للمظاهرات السلمية والحضارية .

هذا الحراك أعاد الأمل، أصبحنا ننظف الأحياء نرسم أجمل الرسومات على الجدران، الصغير يساعد الكبير، عاد لنا إلتحامنا صرنا كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء، كل الولايات كتلة واحدة رغم تعدد ثقافتها ولهجتها جمعنا حب الجزائر .

في يوم 02 أفريل 2019 قدم الرئيس إستقالته ليجنب البلاد من إنزلاقات وخيمة .خرج الشعب في كافة أنحاء الوطن إحتفالا بهذا النصر التاريخي يشبه يوم الإستقلال 05 جويلية 1962، خرجنا مرددين النشيد الوطني "قسما بالنازلات الماحقات والدماء الزكيات الطاهرات فالبنود اللامعات الخافقات في الجبال الشامخات الطاهرات نحن ثرنا فحياة أو ما ممات وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر فاشهدوا، فاشهدوا، فاشهدوا".

لم نتوقف فأحلامنا كبرت ألا يحق لنا أن نحلم ؟ أما أن لنا بمستقبل أفضل؟. فهذا الحراك الشعبي أعاد الأمل لنا فزاد سقف التطلعات والآمال فخرجنا في مظاهرتنا هذه المرة بلافتات مطالبين بتغيير جذري للنظام ورحيل رموز الفساد ومحاسبتهم بالقضاء، نعم نريد التجديد نريد حكومة نزيهة لها ضمير تحس بالشعب وتسعى لتحقيق تطالعاته، يحقق أحلام الشباب الذين طالما ما كانوا ضحايا قوارب الموت بسبب البطالة ،أليس من حق الشاب الجزائري أن يعيش حياة أفضل؟؟ وواقع أجمل ومستقبل جديد؟؟

فاستجاب لنا قائد الأركان "القايد صالح"، وبدأ القضاء بمحاسبة المفسدين وقطع الفساد من جذوره، فقد صار سجن الحراش يعيش حالة إكتظاظ بأفراد"العصابة "التي جرت رجال الأعمال وأثرياء الجزائر "كحداد"،"ربراب"و"الإخوة كونيناف"، ليلتحق بهم وزراء نافذين في الدولة كالوزير الأول السابق "أويحي" والوزير الأول الأسبق "سلال" والوزير "عمارة بن يونس" و"جمال ولد عباس" إلى جانب ولاة سابقين واللواء عبد "الغاني هامل"وسياسيين وعدد كبير من مسؤولي البنوك والتعليم العالي والتضامن، فأصبح كل من تقلد منصبا يُسأل عليه.

أخرج الحراك الوطن من العتمة ليقودنا إلى مسار جديد في تاريخ الجزائر لبناء وطن يحمل آمالنا وتطلعاتنا، نعم نحن نحلم فاحلموا معنا ياعرب شاركوا مطالبكم ستحقق، لكن عليكم بالعزيمة والصبر، اللهم إحفظ الجزائر وأمنها وإستقرارها وسماءها وأبناءها. أنا فخورة لأني جزائرية وأنتمي لهذا الشعب العظيم، تحيا الجزائر حرة مستقلة أحبك يا وطني الغالي ❤

قم بتسجيل الدخول لكي تتمكن من رؤية المصادر
هذا المقال لا يعّبر بالضرورة عن رأي شبكة لاناس.